الكتاب: الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ
    المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
    حققه وعلق عليه: المستشار الدكتور فؤاد عبد المنعم
    الناشر: مؤسسة شباب الجامعة، الاسكندرية
    الطبعة: الثانية، 1412 هـ
    عدد الأجزاء: 1
    [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ الْكَبِيرُ الْحَافِظُ: جَمَالُ الدِّينِ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْجَوْزِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنَا بِإِنْعَامِهِ عَلَيْنَا خَيْرَ أُمَّةٍ، وَمَنَحَنَا الأَنَفَةَ مِنَ الْجَهْلِ، وَعُلُوَّ الْهِمَّةِ، وَرَزَقَنَا حِفْظَ الْقُرْآنِ وَالْعُلُومِ الْمُهِمَّةِ، وَشَرَّفَنَا بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، نَبِيِّ الرَّحْمَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَ طَرِيقَهُ وَأَمَّهُ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَا اخْتَلَفَ ضَوْءٌ وَظُلْمَةٌ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَصَّ أُمَّتَنَا بِحِفْظِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ، وَقَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَنَا يَقْرَءُونَ كُتُبَهُمْ مِنَ الصُّحُفِ، وَلا يَقْدِرُونَ عَلَى الْحِفْظِ، فَلَمَّا جَاءَ عُزَيْرٌ فَقَرَأَ التَّوْرَاةَ مِنْ حِفْظِهِ، فَقَالُوا: هَذَا ابْنُ اللَّهِ، فَكَيْفَ نَقُومُ بِشُكْرِ مَنْ خَوَّلَنَا أَنَّ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ مِنَّا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، ثُمَّ لَيْسَ فِي الأُمَمِ مِمَّنْ يَنْقُلُ عَنْ نَبِيِّهِ أَقْوَالَهُ وَأَفْعَالَهُ عَلَى وَجْهٍ يَحْصُلُ بِهِ الثِّقَةُ إِلا نَحْنُ، فَإِنَّهُ يَرْوِي الْحَدِيثَ مِنَّا خَالِفٌ عَنْ سَالِفٍ، وَيَنْظُرُونَ فِي ثِقَةِ الرَّاوِي إِلَى أَنْ يَصِلَ الأَمْرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَسَائِرُ الأُمَمِ يَرْوُونَ مَا يَذْكُرُونَهُ عَنْ صَحِيفَةٍ لا يُدْرَى مَنْ كَتَبَهَا، وَلا يُعْرَفُ مَنْ نَقَلَهَا، وَهَذِهِ الْمِنْحَةُ الْعَظِيمَةُ نَفْتَقِرُ إِلَى حِفْظِهَا بِدَوَامِ الدِّرَاسَةِ، لِيَبْقَى الْمَحْفُوظُ، وَقَدْ كَانَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ سَلَفِنَا يَحْفَظُونَ الْكَثِيرَ مِنَ الأَمْرِ، فَآلَ الأَمْرُ إِلَى أَقْوَامٍ يَفِرُّونَ مِنَ الإِعَادَةِ مَيْلا إِلَى الْكَسَلِ، فَإِذَا احْتَاجَ أَحَدُهُم إِلَى مَحْفُوظٍ لَمْ

(1/31)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث