الكتاب: الخزل والدأل بين الدور والدارات والديرة
    المؤلف: شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي (المتوفى: 626هـ)
    [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
قال أبو عبد الله: الدار والدارة والدير، هي جميعاً من: دار، يدور، دوْراً ودوراناً ودؤوراً، ودوُوراً. وذلك إذا طاف بالشيء، أو حوله، ثم عاد إلى موضع بدئه.
فأما الدار فاسم جامعٌ للعرصة والبناء والمحلة، وإنما سميت بذلك لكثرة دوران الناس فيها، واختلافهم، وترددهم خلالها.
وتطلق أيضاً على البلد، كقوله تعالى: (فأصبحوا في ديارهم جاثمين) ، أي في بلدهم.
و"الدار" اسم لمدينة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والدارً: القبيلة، وفي الحديث (ألا أنبئكم بخير دور الأنصار؟ دور بني النجار ثم دور بني الأشهل ثم دور بني الحارث، ثم دور بن الساعدة، وفي كل دور الأنصار خير) .
فالدور ههنا جمع دار، وهي القبيلة، والمراد أنها قبائل اجتمعت، كل في محله، فسميت المحلة داراً، وسمي بها ساكنوها على المجاز، بحذف المضاف، إذ الأصل أهل الدور وهو كقوله تعالى: (واسأل القرية) ، أي أهل القرية.
وفي الحديث: (ما بقيت دارٌ إلا بني فيها مسجدٌ) أي ما بقيت قبيلةٌ لأهلها مسدٌ يجتمعون للصلاة فيه.
وقد يقال للدار دارةٌ، لكن الدارة أخص من الدار، قال أمية:
له داعٍ بمكَة مشمَعِلٌ ... وآخر خلف دارَ [ته ينادي]
والدار: صنمٌ سمي به بنو عبد الدار بن قصي ابن كلاب.
والدار: اسم رجلٍ من لحمٍ.
والدار مؤنثة، قيل: وقد تذكر، كقوله تعالى: (وتنعمَ دارُ المتقين) وذلك على معنى المثوى والموضع ولها جموعُ قلةٍ وكثيرٍ، فيقال في جمع القلة: أدؤر، وأدوُرٌ، بالهمز وبغيره، فإذا همزت، فالهمزة مبدلةٌ من واوٍ مضمومةٍ.
ويقال في جمع الكثير: دورٌ وديارٌ. قال ابن سيدة جمع الدار آدُرٌ على القلب، وديارةٌ ودياراتٌ وديرانٌ ودورٌ ودوْراتٌ.
وقال الأزهري: يقال: ديرٌ ودِيرةٌ وأديارٌ ودِيرانٌ ودارَةٌ، وداراتٌ، ودُورٌ، ودوْرانٌ، وأدْوارٌ، ودِوارٌ وأدورِةٌ، وديارةٌ.
وأما الدارة: فهي ما أحاط بالشيء، ومنه دارةُ القمرِ، وهي هالته التي حوله، ود دارة الرمل وما استدار منه.
والدارة أيضاً هي كل أرضٍ واسعةٍ بين جبالٍ.
قال الزمخشري: هي أرضٌ سهلةٌ تحيط بها جبال من جهاتها جميعاً. وكل موضعٍ يدار به بشيء يحجزه فهو دارةٌ كالدارات التي تتخذ في المباطخ ونحوها، وتُجعل فيها الخمر. وأنشد:
تلقى الإوزينَ في أكنافِ دارتها ... فوضى، وبين يديها التبن منثور
قال أبو منصور، حكايةً عن الأصمعي: الدارةُ رملٌ مستدير، في وسطه فجوة، وثال: الدارة هي الجوبة الواسعة تحفها الجبال، وقال أبو حنيفة: إنها تعد من بطونِ الأرض المنبتة، وقيل: هي البُهرة إلا أن البُهرة لا تكون إلا سهلة، والدار تكون غليظةً وسهلةً.
وقيل: الدارة كل جوْبة [تنفتح] في الرمل. والدارة مونثة، وجمعها داراتٌ ودورٌ، قال الراجز: من الدَّبيل ناشطاً للدور وقال زهير:
ترَبصُ، فإن تُقو ِ المروراتُ منهم ... ودارتُها، لا تقوِ منهم (إذاً تخلُ)
وأما الدير، فهو بيتٌ يتعبد فيه الرهبان، ولا يكاد يكون في البصر الأعظم. إنما يكون في الصحارى، ورؤوس الجبال. فإن كان في المِصر الأعظم كان كنيسة أو بيعةً.
وربما فرقوا بينهما، فجعلوا الكنيسة لليهود، والبيعة للنصارى.
قال الجوهري: "دير النصارى أصله وجمعه أديارٌ".
والديراني: صاحبه الذي ينسبُ إليه، وهو نسبٌ على غير قياسٍ.
وقال أبو منصور: "صاحبه الذي يسكنه ويعمُرُه ديراني وديارٌ".
وقال أيضاً: قال سلمة، عن الفرَّاء: يقال دارٌ وديارٌ ودُورٌ، وفي الجمع القليل: أدْوُرٌ وأدْؤرٌ وديرانٌ ويقال: آدُرٌ، على القلب. ويقال: ديرٌ ودِيرةٌ وأديارٌ وديرانٌ، ودارةٌ وداراتٌ وأديرةٌ وديرٌ ودُورٌ ودورانٌ وأدوارٌ ودِوارٌ وأدورَةٌ، هكذا على نسقٍ.
وهذا يشعر بأن الدير من اللغات في الدار، ولعله بعد تسمية الدار به خصص بالموضع الذي تسكنه الرهبان، فصار علماً عليه، والله تعالى أعلم بالصواب.

الباب الأول
قال أبو عبد الله: من الدور التي حاولت استقصاءها: 1 الدارُ: معرفةً غير مضافة: محالٌ كثيرة، منا: محلةٌ كانت بين البصرة والبحرين. قال ابن درَيدٍ في الملاحين: الدار منزلٌ بين البصرة والأحساء.

(1/1)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث