الكتاب: أنوار الربيع في أنواع البديع المؤلف: صدر الدين المدني، علي بن أحمد بن محمد معصوم الحسني الحسيني، المعروف بعلي خان بن ميرزا أحمد، الشهير بابن معصوم (المتوفى: 1119هـ) [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع] |
مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله بديع السموات والأرض. والصلاة على نبيه وآله الهادين إلى السنة والفرض. (1/1)
يا من أنشأ بديع الوجود بحسن ابتدائه، فلباه كل ببراعة الاستهلال عند سماع ندائه. ويا من خلق الإنسان علمه البيان فنطق بتوحيده اللسان بأفصح تبيان.
إن أزهى ما تدبجت به دبياجة الأرقام والطروس، وأبهى ما تبرجت به خطب الكلام تبرج الغادة العروس: حمدك الذي نرجو بتوشيعه حسن التخلص من شبهات الإبهام وشكرك الذي نؤمل بتوشيحه تقييد النعم الجسام وحسن الختام.
والصلاة والسلام على نبيك الذي ارتضيت رسالته وبلاغه وأيدته منك بدلائل الإعجاز وأسرار البلاغة وعلى آله السراة الأئمة الذين قلدت بتشريع طاعتهم رقاب الأمة صلاة وسلاماً يفوح نشرهما فيفوق المسك الأذفر ويلوح بشرهما فيفوت الصبح إذا أسفر.
وبعد: فإن العبد الفقير إلى ربه الغني علياً صدر الدين المدني ابن أحمد نظام الدين الحسيني أنالهما الله من فضله السني يقول: ما الدرر في أسلاكها تتحلى بها الترائب والنحور ولا الدراري في أفلاكها تتجلى بها غياهب الديجور بأزهى من فرائد الفضائل تتزين بها صدور الصدور وأبهى من زواهر العلوم تسفر في أفق سمائها أسفار البدور إلا وأن علم العربية واقع منها موقع البدر من الكواكب وظاهر من بينها ظهور الملك بين المواكب كيف لا وافتقار ما سواه إليه غير محتاج إلى إقامة البرهان عليه.
هذا وأني منذ استروحت روح التوفيق لخدمة العلم الشريف وتظللت من حر هواجر الجهل بمديد ظله الوريف لم أزل راتعاً في رياض فنونه البهية الورود كارعاً من حياض عيونه الشهية الورود أتفكه بثمارها تارةً وألتهي بأزهارها طوراً وأقبس من مطالعها نوراً واجتني من خمائلها نوراً لاسيما فن البديع الذي طابق اسمه مسماه فلله قدرة الرفيع ما أعلى رتبته وأسماه فطالما استمطرت من نظمه ونثره وأغزر ديمة وكانا لي على مر الزمان كندماني - جذيمة. فبينا أنا يوم أسرح طرف الطرف في شرح بديعية ابن حجة وأروح مروح الفكر في مهيع تلك المحجة إذ بعذبة اللسان تنوس بمطلع قصيدة بديعية وغلبة الجنان تجوس بأبدع فكرة لوذعية فاستبشرت بهذه الإشارة واستطرت فرحاً لهذه البشارة علماً بأنها إشارة ممن رصعت البديعيات بمديحه وهبت عليها نسمات القبول من مهاب ريحه صلى الله عليه وآله وسلم وشرف وعظم وكرم فنظمت هذه البديعية التي فاقت بديعية ابن حجة فلو أدركها لما قامت له معها على تزكية نفسه حجة وقد التزمت فيها ما التزمه هو والعز الموصلي قبله من التورية باسم النوع في كل بيت فصار كل بيت منها لأهل الأدب قبلة.
ثم عن لي أن اشرحها شرحاً حافلاً يكون بإبراز مخدرات معانيها كافلاً وأورد فيها جملة من البديعيات ليتأمل الناظر في هذا المضمار مجرى السوابق ويميز بثاقب نظره بين اللاحق منها والسابق وليكن على ذكر مما قاله أبو العباس المبرد في الكامل وهو القائل المحق: ليس لقدم العهد يفضل القائل ولا لحدثاته يهتضم المصيب بل يعطى كل ما يستحق وسميته:
أنوار الربيع في أنواع البديع والله أسأل أن يوفق لإتمامه ويشفع حسن ابتدائه بحسن ختامه مقدمة: البديع لغة فعيل من البدع بالكسر وهو الذي يكون أولاً من كل شيء وهو يرد بمنى مفعل: اسم مفعول ومن الأول اسمه تعالى البديع أي الذي فطر الخلق مبتدعاً لأعلى مثال سبق.
واختلف في نقل اسم العلم اسم هذا العلم إلى الاصطلاح من أي المعنيين هو.
فقيل من بديع بمعنى مفعل اسم فاعل لا بداعه في التراكيب غرابة وإعجاب وفي النفوس طرباً وارتياحاً وقيل من بديع بمعنى مفعل اسم مفعول وأصله في الحبال وذلك أن يبتدي فتل الحبل جديداً ليس من قوى حبل نكث ثم غزل ثم أعيد فتله فأطلق في الكلام على الألفاظ المستطرفة التي لم تجر العادة بمثلها ثم لزمته هذه التسمية حتى قيل بديع وأن كثر وتكرر.