الكتاب: المعمرون والوصايا المؤلف: أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان الجشمي السجستاني (المتوفى: 248هـ) [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع] |
قال الشيخ أبو حاتم سهل بن عثمان السجستاني (1/1)
ذكر أبو عبيدة، وأبو اليقظان، ومحمد بن سلام الجمحي، وغيرهم أن أطول بني آدم عمرا الخضر، واسمه خضرون بن قابيل بن آدم عليه السلام.
وقال ابن إسحاقي، حدثنا أصحابنا، أن آدم عليه السلام لما حضرته الوفاة جمع بنيه، وقال لهم: يا بنيّ، إن الله منزّل على أهل الأرض عذابا، فليكن جسدي معكم بالمغارة، حتى إذا هبطتم فابعثوا بي، وادفنوني بأرض الشام. فكان جسدهم معهم.
فلما بعث الله تعالى نوحا عليه السلام ضمّ ذلك الجسد، وأرسل الله تعالى الطوفان على الأرض، زمانا فجاء نوح عليه السلام، حتى نزل ببابل، وأوصى بنيه الثلاثة، وهم سام، ويافث، وحام، أن يذهبوا بجسده إلى المكان الذي أمرهم أن يدفنوه فيه.
فقالوا: الأرض وحشة، ولا أنيس بها، ولا نهتدي الطريق، ولكن نكفّ حتى يأمن الناس، ويكثروا، وتأنيس البلاد، وتجفّ.
وقال لهم نوح عليه السلام: إن آدم قد دعا الله أن يطيل عمر الذي يدفنه إلى يوم القيامة؛ فلم يزل جسد آدم حتى كان الخضر هو الذي دفنه، وأنجز الله له ما وعده، فهو يحيا إلى ما شاء الله أن يحيا.
وعاش نوح النبي صلى الله عليه وسلم ألفا وأربعمائة وخمسين سنة؛ ذكر ذلك بن أبي زياد علي ابن أبي عياش العبدي عن أنس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما بعث الله نوحا إلى قومه بعثه وهو ابن خمسين ومائتي سنة، فلبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، وبقى بعد الطوفان خمسين سنة ومائتي سنة، فلما أتاه ملك الموت قال، يا نوح يا أبا كُبر الأنبياء، ويا طويل العمر، ويا مجاب الدعوة، كيف رأيت تادنيا؟ قال: مثل رجل بنى له بيت، له بابان، فدخل من واحد، وخرج من الآخر.
وقد قيل دخل من أحدهما، وجلس هنيَّة، ثم خرج من الباب الآخر.
قالوا: وكان أطول الناس عمرا بعد الخضر لقمان بن عاديا الكبير، عاش خمسمائة سنة وستين سنة، عاش عمر سبعة أَنسر، عاش كل نسر منها ثمانين عاما، وكان من بقية عاد الأول.
حدثنا أبو حاتم قال، قال أبو الجنيد الضرير، أخبرنا بذلك الحسين بن خالد، عن سلام، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن محمد بن إسحاق وغيره، فأما غير الحسين، فذكر أنه عاش ثلاثة وخمسمائة سنة؛ واله أعلم أي ذلك كان.
" وكان من وفد عاد الذين بعثهم إلى قومهم إلى الحرم ليستسقوا لهم، وكان أعطى من العمر عمر سبعة أنسر، فجعل يأخذ النسر الذّكر، فيجعله في الجبل الذي هو في أصله، فيعيش النسر منها ما عاش، فإذا مات أخذ آخر، فرّباه حتى كان آخرها لُبَد، وكان أطولها عمرا، فقيل: طال الأبد على لُبَد.
وقال ذلك لبيد بن ربيعة الجفري من بني كلاب:
ولقد جرى لُبد، فأدرك جريهُ ... ريبُ الزَّمان وكان غيرَ مثقَّلِ
وقال لبيد أيضا:
لما رأى لبد النسور تطايرت ... رفع القوادمَ كالفقير الأعزلِ
من تحته لقمان يرجوا نهضَهُ ... ولقد رأى لقمان ألاَّ يأتلي
وقال الضَّبِّى:
أوَ لم ترَ لُقمان أهلكه ... ما أفتاتَ من سنةٍ وَمِن شهرِ
وبقاء نسرٍ كلما انقرضت ... أيامه عادت إلى نسرِ
وقال الأعشى:
لنفسكَ إِذا سبعة أنسرِ ... إذا ما مضى نسر خلوتَ إلى نَسرِ
فَعًمِّرَ حتى خالَ أنَّ نَسوره ... خُلود وهل تبقى النفوس على الدهرِ؟
وقال
لأدناهُنَّ إذا حلَّ ريشه ... هلكت، وأهلكت ابن عادٍ، وما تدري
قال، وأعطى من السمع والبصر على قدر ذلك، وله أحاديث كثيرة.
وقال الذبياني:
أَمست خَلاءٍ وأَمسى أَهلُها احتملوا ... أخنَى عليما الَّذي أَخنى على لُبَدِ
قال أبو حاتم: أَخنى، أَفسَد.
قالوا: وكان من بعد سطيح، وُلِد في زمن السَّيل العرم، وعاش إلى ملك ذي نواس، وذلك نحوا من ثلاثين قرنا، وكان سكنه البحرين؛ وزعمت عبد القيس أنه منهم؛ وتزعم الأزد أنه منهم؛ وأكثر المحدثين يقولون، هو من الأزد، ولا ندري ممن هو، غير أن ولده يقولون: إنهم من الأزد.
قالوا: وكان المعافر بن يعفر بن مرّ بعد هذين، فمات، فلما حضره الموت حفروا له حفيرة، وبنوا له بيته " يعني قبره " فأخذ صخرة فكتب فيها: