الكتاب: الأنوار ومحاسن الأشعار المؤلف: أبو الحسن علي بن محمد بن المطهر العدوي المعروف بالشمشاطي (المتوفى: 377هـ) [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع] |
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرَّحِيم (1/1)
وبِهِ نَستَعِين
باب
في السُّيوف والرِّماح وجميعِ السِّلاح
نَذكر في ابتدائهِ يَسيراً من الأَخبار، في فَضل السِّلاح وصِفَته، ثمّ نُتبِع ذلِك بما قيل في السيوف، ثمّ في الرِّماح، ثمّ في القِسِيّ والسِّهام، ثمّ في الدُّروع والبَيْض، ثمّ في جميع السِّلاح مُجملاً، إِن شاءَ الله.
يُرْوَى أَنّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آلِه، لبِسَ يومَ أُحُدٍ دِرْعَيْن ظَاهَرَ بينهما.
واشترَى يزيدُ بن حاتم أَدراعاً فقال:
إِنّي لستُ أَشترِي أَدْرَاعاً إِنّما أَشترِي أَعماراً.
وقال حَبيب بن المُهَلَّب: ما رأَيت رَجُلاً في الحَرْب مُسْتَلْئِّماً إِلاّ كان عندي رَجُلَيْن، ولا رأَيْت حاسِرَيْنِ إِلاّ كانَا وَاحداً. فسمع الحديثَ بعض أَهلِ المعرفة فقال: صَدَقَ، إِنّ للسِّلاح فَضِيلةً، أَمَا تَراهم يُنادُون: السِّلاَحَ السِّلاحَ، ولا يُنَادون: الرّجالَ الرِّجالَ.
وقال عُمَر بن الخَطّاب لعَمْرِو بن مَعْدِ يكَرِبَ: أَخْبرْني عن السِّلاح، قال: سَلْ عما شِئْتَ منه، قال: الرُّمْح، قال: أَخوك وربّما خَانَك، قال: النَّبْل، قال: مَنَايَا تُخطِئُ وتصِيب، قال: التُّرْسُ، قال: ذاك المِجَنُّ، وعليه تَدُورُ الدَّوائر، قال: الدِّرْع، قال: مُشْغِلَةٌ للراجِل، مُتعِبَةٌ للفارِس، وإِنَّهَا لَحِصْنٌ حَصِينٌ، قال: السَّيْف، قال: ثَمَّ قَارَعَتْك أُمُّك عن الثُّكْل، يا أَميرَ المؤمنين، قال عُمرُ: بل أُمُّك، قال: الحُمَّى أَضْرَعَتْنِي لك.
وقال أَمير المؤمنين عليٌّ عليه السلام: السَّيْف أَنْمَى عَدَداً، وأَكْرم وَلداً.
وذَكَرَ أَعرابيٌّ قَوْماً تَحَارَبُوا فقال: أَقْبَلَت الفُحُول، تَمْشي مَشْىَ الوُعول، فلمّا تَصَافَحُوا بالسُّيُوف فغَرَت المَنَايَا أَفواهَها.
وذكَر آخَرُ قَوماً أَغارُوا على قومٍ فقال: جَعَلوا المُرَّان أَرْشِيَةً فاسْتَقَوا بها أَرْوَاحَهم.
وحَذَّرَ أَعْرَابِيٌّ من اليَمَامَة قَوْمَه من جُنْدٍ أَنفَذَهم السلطانُ إِليهم فقال: لا أَغرُّكم من نُشَّابٍ، معهم في جعَاب، كأَنَّهَا أُيُورُ الفِيَلَةِ، يَنْزِعُون في قِسِيٍّ كأَنَّهَا العَتَلُ تَئطُّ إِحداهنّ أَطِيطَ الزُّرْنوق، يَمْغَطُ أَحدُهم فيها حتَّى يَتَفَرَّقَ شَعرُ إِبْطِه، ثمّ يُرْسِل نُشَّابةً كأَنّهَا رشَاءٌ مُنْقَطِعٌ، فما بَيْنَ أَحَدِكم وبين أََن تَنْفَضِخَ عَيْنُه، أَو يَنْصَدِعَ قَلْبُه، مَنزِلَةٌ.
فخَلع قلوبَهم فطاروا رُعْباً.
ووصَّى أَبو الأَغَرِّ ابنَهُ وقد وَقَعَ بينَ بني عمِّه وحُلفائهم شرٌّ فقال: يا بُنَيَّ كنْ يداً لأَصحابك على مَن قاتَلَهم، وإِيّاك والسَّيْفَ فإِنّه ظِلُّ الموت، واتَّقِ الرُّمْحَ فإِنّه رِشَاءُ المَنيَّة، ولا تَقرَبِ السِّهامَ فإِنّها رُسُلٌ ولا تُؤَامِرُ مُرسِلَهَا، قال: فبِمَ أُقاتِلُ؟ قال: بما قال الشاعر:
جَلاَمِيدُ يَمْلأْنَ الأَكُفَّ كأَنّهَا ... رُؤوسُ رِجال حُلِّقَتْ في المَوَاسمِ
؟ في السُّيوف
قال أَبو زيد: الصَّمْصَام: الماضي، وقال الأَصْمَعِيُّ: الصارِم هو الصَّمْصَامَة الذي لا يَنْثَنِي.
الصَفيحة: السّيف العَريض، والقَضِيب: الدّقيق. والمُشَطَّب: الذي فيه طَرَائقُ. والْمِخْذًَم: الذي يَنْتَسِفُ القطْعَةَ أَو يَشُقُّ المَوْضِعَ حتَّى يَفْصِلَه. والرَّسُوبُ: الّذي إِذا وَقَعَ غَمُضَ مَكَانُه فدَخَلَ والمَأْثور: الّذي في مَتْنه أُثُرٌ. الأَفَلّ: الذي بشَفْرَتَيه تَكسُّرٌ وفُلولٌ من كَثْرة ما ضُرِبَ به. والكَهَام والدَّدان: الكَلِيلانِ. والطَّبِعُ: الذي اشتَدَّ صَدَؤُه حتى يَدْخلَه مِثْلُ الجَرَبِ لا يُخْرِجُه الصَّقْلُ. والأَنيث الذِي من حَدِيدٍِ غيرِ ذَكَرٍ.