الكتاب : مؤلفات الفوزان المؤلف : صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان |
ج2: لا يجوز تعظيم المبتدعة والثناء عليهم ولو كان عندهم شيء من الحق ، لأن مدحهم والثناء عليهم يروج بدعتهم، ويجعل المبتدعة في صفوف المقتدى بهم من رجالات هذه الأمة ، والسلف حذرونا من الثقة بالمبتدعة ومن الثناء عليهم ومن مجالستهم ، وفي بعض أقوالهم يقولون : [ من جلس إلى مبتدع فقد أعان على هدم السنة ] ، فالمبتدعة يجب التحذير منهم ويجب الابتعاد عنهم ولو كان عندهم شيء من الحق ، فإن غالب الضُلال لا يخلون من شيء من الحق ، ولكن ما دام عندهم ابتداع وعندهم مخالفات ، وعندهم أفكار سيئة فلا يجوز الثناء عليهم ولا يجوز مدحهم ولا يجوز التغاضي عن بدعتهم لأن في هذا ترويج للبدعة وتهويلاً من أمر السنة ، وبهذه الطريقة يظهر المبتدعة ،ويكونون قادة للأمة لا قدر الله ، فالواجب التحذير منهم ، وفي أئمة السنة الذين ليس عندهم ابتداع في كل عصر ولله الحمد فيهم الكفاية للأمة ، وهم القدوة ، فالواجب اتباع المستقيم على السنة ، الذي ليس عنه بدعة وأما المبتدع فالواجب التحذير منه ، والتشنيع عليه ، حتى يحذره الناس وحتى ينقمع هو واتباعه ، وإما كون عنده شيء من الحق فهذا لا يبرر الثناء عليه ، لأن المضرة التي تحصل بالثناء عليه أكثر من المصلحة لما عنده من الحق ، ومعلوم أن قاعدة الدين {أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح }، وفي معادة المبتدع درء مفسدة عن الأمة ترجح على ما عنده من المصلحة المزعومة إن كانت ، ولو أخذنا بهذا المبدأ لم يُضلل أحد ولم يُبدَّع أحد لأنه ما من مبتدع إلا وعنده شيء من الحق وعنده شيء من الالتزام ، المبتدع ليس كافراً محضاً ، ولا مخالفاً للشريعة كلها ، وإنما هو مبتدع في بعض الأمور أو في غالب الأمور ، وخصوصاً إذا كان الابتداع في العقيدة وفي المنهج فإن الأمر خطير لأن هذا يصبح قدوة ومن حينئذٍ تنتشر البدع في الأمة وينشط المبتدعة في ترويج بدعهم ، فهذا الذي يمدح المبتدعة ويشَّبه على الناس بما عندهم من الحق (143/3)