الكتاب: لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
    المؤلف: زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن، السَلامي، البغدادي، ثم الدمشقي، الحنبلي (المتوفى: 795هـ)
    الناشر: دار ابن حزم للطبتعة والنشر
    الطبعة: الأولى، 1424هـ/2004م
    عدد الأجزاء: 1
    [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

مجلس في فضل التذكير بالله تعالى ومجالس الوعظ.
خرج الإمام أحمد والترمذي وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلنا يا رسول الله ما لنا إذا كنا عندك رقت قلوبنا وزهدنا في الدنيا وكنا من أهل الآخرة فإذا خرجنا من عندك فآنسنا أهلنا وشممنا أولادنا أنكرنا أنفسنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم إذا خرجتم من عندي على حالكم ذلكم لزارتكم الملائكة في بيوتكم ولو لم تذنبوا لجاء الله بخلق جديد حتى يذنبوا فيغفر لهم" قلت يا رسول الله مم خلق الخلق؟ قال: " من الماء" قلت: الجنة ما بناؤها؟ قال: "لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك الأذفر وحصباؤها الؤلؤ والياقوت وتربتها الزعفران من يدخلها ينعم لا يبأس ويخلد لا يموت لا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم".
كانت مجالس النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه عامتها مجالس تذكير بالله وترغيب وترهيب إما بتلاوة القرآن أو بما آتاه الله من الحكمة والموعظة الحسنة وتعليم ما ينفع في الدين كما أمره الله تعالى في كتابه أن يذكر ويعظ ويقص وأن يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يبشر وينذر وسماه الله {مُبَشِّراً وَنَذِيراً، وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ} [الأحزاب: 45, 46] والتبشير والإنذار: هو الترغيب والترهيب فلذلك كانت تلك المجالس توجب لأصحابه ـ كما ذكره أبو هريرة رضي الله عنه في هذا الحديث ـ رقة القلب والزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة.
فأما رقة القلوب فتنشأ عن الذكر فإن ذكر الله يوجب خشوع القلب وصلاحه ورقته ويذهب بالغفلة عنه قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28] وقال الله عز وجل: {إِنَّمَا

(1/13)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث