الكتاب: هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ) المحقق: محمد أحمد الحاج الناشر: دار القلم- دار الشامية، جدة - السعودية الطبعة: الأولى، 1416هـ - 1996م عدد الأجزاء: 1 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (وَبِهِ نَسْتَعِينُ) (1/217)
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَضِيَ لَنَا الْإِسْلَامَ دِينًا، وَنَصَبَ لَنَا الدَّلَالَةَ عَلَى صِحَّتِهِ بُرْهَانًا مُبِينًا، وَأَوْضَحَ السَّبِيلَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ وَاعْتِقَادِهِ حَقًّا يَقِينًا، وَوَعَدَ مَنْ قَامَ بِأَحْكَامِهِ وَحَفِظَ حُدُودَهُ أَجْرًا جَسِيمًا، وَذَخِرَ لِمَنْ وَافَاهُ بِهِ ثَوَابًا جَزِيلًا وَفَوْزًا عَظِيمًا، وَفَرَضَ عَلَيْنَا الِانْقِيَادَ لَهُ وَلِأَحْكَامِهِ، وَالتَّمَسُّكَ بِدَعَائِمِهِ وَأَرْكَانِهِ، وَالِاعْتِصَامَ بِعُرَاهُ وَأَسْبَابِهِ، فَهُوَ دِينُهُ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِنَفْسِهِ وَلِأَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَمَلَائِكَةِ قُدْسِهِ، فِيهِ (اهْتَدَى) الْمُهْتَدُونَ، وَإِلَيْهِ دَعَا الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ، فَلَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ دِينًا سِوَاهُ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
شَهِدَ بِأَنَّهُ دِينُهُ قَبْلَ شَهَادَةِ الْأَنَامِ، وَأَشَادَ بِهِ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ، وَسَمَّى بِهِ أَهْلَهُ وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْأَرْحَامُ، فَقَالَ تَعَالَى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ