الكتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق
    المؤلف: زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم المصري (المتوفى: 970هـ)
    وفي آخره: تكملة البحر الرائق لمحمد بن حسين بن علي الطوري الحنفي القادري (ت بعد 1138 هـ)
    وبالحاشية: منحة الخالق لابن عابدين
    الناشر: دار الكتاب الإسلامي
    الطبعة: الثانية - بدون تاريخ
    عدد الأجزاء:8
    [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، ومعه حاشية منحة الخالق]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

[مُقَدِّمَة الْكتاب]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي دَبَّرَ الْأَنَامَ بِتَدْبِيرِهِ الْقَوِيِّ، وَقَدَّرَ الْأَحْكَامَ بِتَقْدِيرِهِ الْخَفِيِّ، وَهَدَى عِبَادَهُ إلَى الرَّشَادِ وَأَنْطَقَهُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ وَجَعَلَ مَصَالِحَ مَعَاشِهِمْ بِالْعُقُولِ مَحُوطَةً وَمَنَاجِحَ مَعَادِهِمْ بِالْعِلْمِ مَنُوطَةً فَضَّلَ نَبِيَّهُ بِالْعِلْمِ تَفْضِيلًا وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ - كُنُوزِ الْهُدَى وَعَلَى أَصْحَابِهِ بِدُورِ الدُّجَى (أَمَّا بَعْدُ) ، فَإِنَّ أَشْرَفَ الْعُلُومِ وَأَعْلَاهَا وَأَوْفَقَهَا وَأَوْفَاهَا عِلْمُ الْفِقْهِ وَالْفَتْوَى وَبِهِ صَلَاحُ الدُّنْيَا وَالْعُقْبَى فَمَنْ شَمَّرَ لِتَحْصِيلِهِ ذَيْلَهُ وَادَّرَعَ نَهَارَهُ وَلَيْلَهُ فَازَ بِالسَّعَادَةِ الْآجِلَةِ وَالسِّيَادَةِ الْعَاجِلَةِ وَالْأَحَادِيثُ فِي أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى سَائِرِ الْعُلُومِ كَثِيرَةٌ وَالدَّلَائِلُ عَلَيْهَا شَهِيرَةٌ لَا سِيَّمَا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْحِكْمَةِ فِي الْقُرْآنِ عَلَى قَوْلِ الْمُحَقِّقِينَ لِلْفُرْقَانِ.
وَقَدْ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ إنَّ النَّظَرَ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ أَفْضَلُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَقَالَ إنَّ تَعَلُّمَ الْفِقْهَ أَفْضَلُ مِنْ تَعَلُّمِ بَاقِي الْقُرْآنِ وَجَمِيعُ الْفِقْهِ لَا بُدَّ مِنْهُ. اهـ.
وَإِنَّ كَنْزَ الدَّقَائِقِ لِلْإِمَامِ حَافِظِ الدِّينِ النَّسَفِيِّ أَحْسَنُ مُخْتَصَرٍ صُنِّفَ فِي فِقْهِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ وَقَدْ وَضَعُوا لَهُ شُرُوحًا وَأَحْسَنُهَا التَّبْيِينُ لِلْإِمَامِ الزَّيْلَعِيِّ لَكِنَّهُ قَدْ أَطَالَ مِنْ ذِكْرِ الْخِلَافِيَّاتِ وَلَمْ يُفْصِحْ عَنْ مَنْطُوقِهِ وَمَفْهُومِهِ وَقَدْ كُنْت مُشْتَغِلًا بِهِ مِنْ ابْتِدَاءِ حَالِي مُعْتَنِيًا بِمَفْهُومَاتِهِ فَأَحْبَبْت أَنْ أَضَعَ عَلَيْهِ شَرْحًا يُفْصِحُ عَنْ مَنْطُوقِهِ وَمَفْهُومِهِ وَيَرُدُّ فُرُوعَ الْفَتَاوَى وَالشُّرُوحَ إلَيْهَا مَعَ تَفَارِيعَ كَثِيرَةٍ وَتَحْرِيرَاتٍ شَرِيفَةٍ وَهَا أَنَا أُبَيِّنُ لَك الْكُتُبَ الَّتِي أَخَذْت مِنْهَا مِنْ شُرُوحٍ وَفَتَاوَى وَغَيْرِهِمَا فَمِنْ الشُّرُوحِ شَرْحُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَشَرْحُهُ لِلْبُرْهَانِيِّ وَالْمَبْسُوطُ وَشَرْحُ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ وَشَرْحُ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ لِلْإِمَامِ الْإِسْبِيجَابِيِّ وَالْهِدَايَةُ وَشُرُوحُهَا مِنْ غَايَةِ الْبَيَانِ وَالنِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَمِعْرَاجُ الدِّرَايَةِ وَالْخَبَّازِيَّةُ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ وَالْكَافِي شَرْحُ الْوَافِي وَالتَّبْيِينُ وَالسِّرَاجُ الْوَهَّاجُ وَالْجَوْهَرَةُ وَالْمُجْتَبَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[منحة الخالق]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعَزَّ الْعِلْمَ فِي الْأَعْصَارِ وَأَعْلَى حِزْبَهُ فِي الْأَمْصَارِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ الْمُخْتَصِّ بِهَذَا الْفَضْلِ الْعَظِيمِ وَعَلَى آلِهِ الَّذِينَ فَازُوا مِنْهُ بِحَظٍّ جَسِيمٍ قَالَ مَوْلَانَا الْحَبْرُ النِّحْرِيرُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَالْبَنَانِ فِي التَّقْرِيرِ وَالتَّحْرِيرِ كَاشِفُ الْمُشْكِلَاتِ وَالْمُعْضِلَاتِ مُبَيِّنُ الْكِنَايَاتِ وَالْإِرْشَادَاتِ مَنْبَعُ الْعُلَى عِلْمُ الْهُدَى أَفْضَلُ الْوَرَى حَافِظُ الْحَقِّ وَالْمِلَّةِ وَالدِّينِ شَمْسُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ وَارِثٌ لِعُلُومِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّسَفِيُّ لَمَّا رَأَيْت الْهِمَمَ مَائِلَةً إلَى الْمُخْتَصَرَاتِ وَالطِّبَاعَ رَاغِبَةً عَنْ الْمُطَوَّلَاتِ أَرَدْت أَنْ أُلَخِّصَ الْوَفِيَّ بِذِكْرِ مَا عَمَّ وُقُوعُهُ وَكَثُرَ وُجُودُهُ لِتَكْثُرَ فَائِدَتُهُ وَتَتَوَفَّرَ عَائِدَتُهُ فَشَرَعْت فِيهِ بَعْدَ الْتِمَاسِ طَائِفَةٍ مِنْ أَعْيَانِ الْأَفَاضِلِ وَأَفَاضِلِ الْأَعْيَانِ الَّذِينَ هُمْ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْسَانِ لِلْعَيْنِ وَالْعَيْنِ لِلْإِنْسَانِ مَعَ مَا بِي مِنْ الْعَوَائِقِ (وَسَمَّيْته) بِكَنْزِ الدَّقَائِقِ، وَهُوَ، وَإِنْ خَلَا عَنْ الْعَوِيصَاتِ وَالْمُعْضِلَاتِ فَقَدْ تَحَلَّى بِمَسَائِلِ الْفَتَاوَى وَالْوَاقِعَاتِ مُعَلَّمًا بِتِلْكَ الْعَلَامَاتِ وَزِيَادَةِ الطَّاءِ لِلْإِطْلَاقَاتِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلْإِتْمَامِ وَالْمُيَسِّرُ لِلِاخْتِتَامِ

(1/2)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث