الكتاب: الرقة والبكاء لابن قدامة المؤلف: أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قدامة المقدسي (المتوفى: 620هـ) تحقيق: محمد خير رمضان يوسف الناشر: دار القلم، دمشق، الدار الشامية، بيروت الطبعة: الأولى، 1415 هـ - 1994 م عدد الأجزاء: 1 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] |
الرِّقَّةُ وَالْبُكَاءُ لابْنِ قُدَامَةَ (1/43)
الْفَصْلُ الأَوَّلُ
ذِكْرُ طَرَفٍ مِنْ صِفَاتِهِمْ
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحَدَّادُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَرِيشِ الْكِلابِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ بَهْرَامَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ أَبِي حَاجِبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَدَى الْحَقِّ أَسِيرٌ، يَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهِ رَقِيبًا، عَلَى سَمْعِهِ، وَبَصَرِهِ، وَلِسَانِهِ، وَيَدِهِ، وَرِجْلِهِ، وَبَطْنِهِ، وَفَرْجِهِ، حَتَّى اللَّمْحَةِ بِبَصَرِهِ، وَفُتَاتِ الطِّينِ بِأُصْبُعِهِ، وَكُحْلِ عَيْنَيْهِ، وَجَمِيعِ سَعْيِهِ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لا يَأْمَنُ قَلْبُهُ، وَلا يَسْكُنُ رَوْعَتُهُ، وَلا يَأْمَنُ اضْطِرَابُهُ، أَنَّهُ يَتَوَقَّعُ الْمَوْتَ صَبَاحًا وَمَسَاءً، فَالتَّقْوَى رَقِيبُهُ، وَالْقُرْآنُ دَلِيلُهُ، وَالْخَوْفُ مَحَجَّتُهُ، وَالشَّرَفُ مَطِيَّتُهُ، وَالْحَذَرُ رَقِيبُهُ، وَالْوَجَلُ شِعَارُهُ، وَالصَّلَاةُ كَهْفُهُ، وَالصِّيَامُ جُنَّتُهُ، وَالصَّدَقَةُ فِكَاكُهُ، وَالصِّدْقُ وَزِيرُهُ، وَالْحَيَاءُ أَمِيرُهُ، وَرَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالْمِرْصَادِ،