الكتاب: قدوة الغازي المؤلف: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد المري، الإلبيري المعروف بابن أبي زَمَنِين المالكي (المتوفى: 399هـ) [الكتاب مرقم آليا] |
: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. (1/1)
قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ الْكَبِيرُ الشَّهِيرُ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِمْنِينٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي بِتَوْفِيقِهِ وَهِدَايَتِهِ أَخْلَصَ لَهُ أَوْلِيَاؤُهُ، فَلَمْ يَعْبُدُوا غَيْرَهُ، وَبِخِذْلانِهِ وَالطَّبْعِ عَلَى قُلُوبِ أَعْدَائِهِ أَشْرَكُوا بِهِ وَلَمْ يَتَّبِعُوا أَمْرَهُ، فَجَعَلَ قِتَالَهُمْ، وَالْغَزْوَ إِلَيْهِمْ مِنْ أَرْبَحِ التِّجَارَاتِ، وَأَفْضَلِ الْقُرُبَاتِ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ {10} تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {11} يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.
الصف 10-12} وَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْءَانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111] وَلِهَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ نَظَائِرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالآثَارُ أَيْضًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ، وَسَأَذْكُرُ مِنْهَا بَعْدَ هَذَا مَا حَضَرَنِي ذِكْرُهُ، وَأُصَنِّفُهَا وَأُشَفِّعُهَا بِمَسَائِلَ مِمَّا لا يَجُوزُ لِلْغَازِي فِعْلُهُ، وَمِمَّا لا يَجُوزُ، فَعَسَى أَنْ يَتَعَلَّمَ ذَلِكَ وَيَقْتَدِيَ بِهِ مَنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ لَهُ عِنَايَةٌ بِطَلَبِ عِلْمِهِ، مِمَّنْ يُؤْثِرُ الْغَزْوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنِيَّةٍ حَسَنَةٍ، وَطَرِيقَةٍ قَوِيمَةٍ.
وَكُلُّ مَا ذَكَرْتُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنَ الآثَارِ وَالْمَسَائِلِ، فَجَمِيعُ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَتِي، وَاسْتَخْرَجْتُهُ مِنْ كُتُبِي.
وَأَسْأَلُ اللَّهَ الْعَوْنَ عَلَى مَا أُحَاوِلُ مِنْ ذَلِكَ، وَالْهِدَايَةَ إِلَى أَحْسَنِهِ، وَإِنَّمَا يُوَفِّقُ لِلْهُدَى اللَّهُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ الْمُبَلِّغِ عَنْ رَبِّهِ، الصَّادِقِ فِيمَا جَاءَ بِهِ، مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ أَجْمَعِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.