الكتاب: علوم البلاغة «البيان، المعاني، البديع» المؤلف: أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371هـ) الناشر: * عدد الأجزاء: 1 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] |
مقدمات (1/3)
مقدمة الكتاب
...
مقدمة الكتاب:
حمدا لك اللهم، بك المعونة والتوفيق، ومنك الهداية لأقوم طريق، إذا أظلمت الشبهات، في دجنة الخطوب المدلهمات، وبفضلك نطلب يقينا يملأ الصدر، ويستولي على زمام القلب، ويكبت ثورة النفس، فيردها عن غيها، ويكبح جماح شهواتها، فإنك الملجأ والنصير والمعين, وصلاة وسلاما على محمد عبدك ورسولك الذي آتيته الحكمة وفصل الخطاب، وعصمته من الخطأ وألهمته الصواب، ومننت عليه بفضيلة البيان، ففند بقاطع حجته قول من عارضه من أهل الزور والبهتان.
وبعد فإن موضع علوم البيان من علوم العربية، موضع الرأس من الإنسان، أو اليتيمة من قلائد العقيان، فهي مستودع سرها، ومظهر جلالها، فلا فضيلة لكلام على كلام، إلا بما يحويه من لطائفها، ويودع فيه من مزاياها وخصائصها، ولا تبريز لمتكلم على آخر، إلا بما يحوكه من وشيها، ويلفظه من درها، وينفثه من سحرها، ويجنيه من يانع ثمرها.
إلى أن بها نعرف وجه إعجاز القرآن، وندرك ما فيه من خصائص البيان، ونفهم براعة أسلوبه، وانسجام تأليفه، وسهولة نظمه وسلامته، وعذوبته وجزالته، إلى أمثال تلك المحاسن التي أسالت على العرب الوادي عجزا، حتى حارت عقولهم، وقصرت عن بلوغ شأوه جهابذتهم وفحولهم، حتى اضطر ذلكم المتكبر الجاحد، والصلف المعاند، الوليد بن المغيرة، أن يقول فيه مقالته المأثورة: "والله إن لكلامه لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمورق، وإن ليعلو ولا يعلى عليه، وما هو بقول البشر" فالجاهل بأسرارها،