الكتاب: جنة الولدان في الحسان من الغلمان
    المؤلف: أحمد بن محمد بن علي الأنصاري الخزرجي، شهاب الدين المعروف بالحجازي (المتوفى: 875هـ)
    [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

نص الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً.
الحمد لله ي العزة والجلال، مانح من شاء من خلقه البهاء والكمال، الذي حلى من اختاره من عباده بحسن الخلق فنحمده على كل حال، ونشكره شكر من حسن حاله في الحال والمآل، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل إن الله جميل يحب الجمال، صلى الله عليه وعلى الصحب والآل.
وبعد فقد سألني بعض الأصحاب اللطفاء، والأصدقاء الظرفاء، أن أجمع شيئاً من الأشعار، وإن كانت في هذا الزمان قليلة الأسعار، مقترحاً علي في ذلك أن لا يكون من كلم شتى رواها من روى، بل من نظمي خاصة لا غير ولا سوى، مقيداً في ذلك أن تكون من المقاطع في الحسان من الغلمان، حسبما يطلبه أبناء الزمان. فكلفت طباعي الطاعة، على حسب الاستطاعة، وقلة البضاعة، معتذراً عن ذلك بما قلته، ومن قديمٍ نظمته:
وَالله ما المُرد مُرادي وإن ... نَظمتُ فيهم كَحُليِّ العروس
وَإنّما أبصرت في عَصرنا ... أَكثر ما ينفق فيهِ الفلوس
فقد سبقني من سبق بمثل هذا الاعتذار، وهو الشيخ زين الدين عمر بن الوردي حيث قال في بعض الأشعار:
والله ما المرد مُرادي وإن ... نظمتُ فيهم كعقود الجمانِ
لاكنّ من رام نفاق الذي ... ينظمه ينظم خرج الزمانِ
على أن طائفة المردان ليس لهم حسن خلُق وإن كان خلقهم حسنا، وحسبك ما قال بعضهم مضمّناً:
لا تطلب الإنصافُ من أمردٍ ... لا يوجب الحقّ على نفسهِ
ولا تُرًَجِّ الودَ ممّن يرى ... أنك محتاجٌ إلى فلسهِ
ووضعت هذا التأليف، حسبما اقترح علي تجربة الفكر الضعيف، وجعلت فيه شيئاً رثى ذوي الحسن والبها لأنه أحق ما إليه ينتهي، وسميته جنة الولدان، في الحسان من الغلمان، ونعوذ بالله من نزغات الشيطان الرجيم، ونتبرك باسم الله الرحمن الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ومن ذلك ما قلته في مليح خليفة:
قُلتُ للشَّادن الخليفةِ يا مَن ... قد سَبا النَّاسَ حُسنُهُ اِدنُ منهُم
سُدت بالجودِ والمَحاسِنِ فيهِم ... وتقدَّمتَ مَن تَخَلَّفتَ عَنهُم
وقلت في مليح سلطان مضمناً:
مُذ سَباني جَمالُ سُلطان حُسنٍ ... ذي سَناءٍ وَلَستُ أهلاً لِذاكَ
قُلتُ في مُهجَتي ما شِئتَ فَاِحكُم ... وَتَحكَّم فَالحُسنُ قَد أعطاكَ
وقلت في مليح وزير:
فُتنتُ بِحُبِّ وَزيرٍ وَلَم ... أجِد لي في ذَاك مِن عَائِبِ
لأنَّ العذول عَدُوٌّ وَهَل ... يَلومُ العَدُوُّ عَلى الصَّاحِبِ
وقلت في مليح ناظر الخاص:
في ناظرِ الخاصِ عشقاً ... وفقتُ كيفَ الخلاصُ
به تَكَمَّلَ عَشقي ... وما سِواهُ اِنتقاصُ
فَنَاظِرُ الدونِ دوني ... وَناظِرُ الخَاصِ خَاصُ
وقلت في مليح كاتب السر:
لكَاتبِ السِّرِّ حُسنٌ ... يَزهُو وَخَدٌّ مُوَشَّى
يصمي النَّدامى بِلَفظٍ ... وَحيثُ أنشَأ أنشا
وقلت في مليح ناظر الجيش:
لناظرِ الجيش جَيشٌ ... مِن حُسنِه لي باهر
لا يَختَشي الكَسرَ قلبي ... مَا دَامَ لِلجَيشِ ناظِر
وقلت في مليح محتسب:
هَامَ قَلبي بِمُحتَسبٍ ... وغرامي ممّا حَسب
قُلتُ إذ زارني اِحتَكِم ... وَاِكشِفِ الآنَ واِحتَسِب
وقلت في مليح قاضٍ مضمنا:
رُبَّ قاضٍ لَهُ جَمالٌ بَديعٌ ... راحَ حكماً عَلَيَّ للمُتَقَاضِ
قُلتُ في مُهجتي تَحكَّم وَقَلبي ... ولكَ الأمر فَاِقضِ ما أنتَ قاضِ
وقلت فيه أيضاً مضمناً:
قاضٍ سَباني بكَنزِ الثَّغرِ قُلتُ لَهُ ... يا مَطلَباً لَيسَ لي في غَيرِهِ أرَبُ
وَصرتُ أنشدُ لَمَّا حَثَّ في طَلَبي ... إليك آلَ التَّقاضي وَاِنتَهى الطَّلَبُ
وقلت في مليح شاهد عدل:
وشَاهِدٍ هِمتُ فيهِ ... والقدُّ كَالغُصنِ مائِد
قد قال لي خِلِّيَ اِنظُر ... فَالقَدُّ عدلٌ وشَاهِد
وقلت فيه أيضاً:
قوامُ العَدلِ لا أدري ... بأيٍّ مِنهُما شُغلي
أبالعَدلِ من القدِّ ... أمِ القَدّ من العَدلِ
وقلت في مليح رسول مضمناً:

(1/1)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث