الكتاب: الأمالي
    المؤلف: أبو على أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي الأصفهاني (المتوفى: 421هـ)
    [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

باب
المعتل الفاء المضمومة
أو المكسورة، كواو وياء، تقول: وُعد وأُعد وُقت وأُقت، والوجوه والأجوه، والوقود والأقود، والوسادة والإسادة، والوشاح والإشاح، على الإبدال منها، وهي مضموم مطردة لا خلاف فيه، وقد تبدل التاء من الواو أيضاً، في نحو تخمة، فإن كانت مكسورة، فمن النحويين من يتبع العرب فلا يبدل إلا ما روي عنهم إبداله، والياء يصح في كسرها وضمها لخفتها، فاعلمه.
وتقول في مستقبل وعد يعد، والأصل يوعد، لكن الواو لما وقعت بين ياء وكسرة استثقلت فحذفت تخفيفاً، ولا يدخل على هذا الذي قلناه يوعد ويوقن وما أشبههما، فيقال: هلا حذفت الواو منهما لوقوعها بين ياء وكسرة، أو هلا أبقيتها في يعد وما أشبهه، وكنت تقول: يوعد، لأن الأصل في يوعد يأوعد، لأنه مستقبل أوعد، وأوعد على زنة دحرج، وكما تقول: يدحرج فعل المستقبل، يلزم أن يقال يأوعد، لكنهم استثقلوا اللفظ بالهمزة فحذفوها تخفيفاً، وهي في النية، لأن أصل الكلمة يقتضيه، وإذا كان الأمر على ذلك، فالواو كأنها واقعة بين همزة وكسرة، إذا كانت الهمزة في النية، ومن مقتضى بناء الكلمة، فلا كون مثل يعد، ولا يلزم على ما ذكرناه فيه فأنت تعد، فالواو قد أسقطت، وإن لم تكن واقعة بين ياء وكسرة لاستنكارهم ثبات الواو في بعض بناء المستقبل من الكلمة وانحذافه في آخر، وهذا مما اتبع فيه الإعلال طلباً للاطراد والاستمرار، وتقول في الأمر: عد، والأصل: أوعِد، لأن الأمر يبنى على المستقبل، لأنه بناء لما لم يقع، كما أن المستقبل بناء لما لم يقع، لكن الواو لما وقعت بين كسرتين صارت في حكمها لما وقعت بين ياء وكسرة فحذفوها تخفيفاً، فصار أعد، ثم استغني عن الهمزة المجتلبة لتحرك ما بعدها فصار: عد، وذلك أن الهمزة إنما تجلب في بناء الأمر إذا كان أوله ساكناً، لأن الأمر الحاضر يبنى على المستقبل، ويحذف حرف المضارعة من أوله، فإذا كان بعدها الحرف الأول ساكنا، احتيج إلى ما يتوصل به فيجلب الألف لذلك، ولذلك كان الثلاثي كله في أول بناء الأمر منه ألف الوصل واستغني في الرباعي كدحرج وهرول عنه، تقول في الأمر منهما: دحرج وهرول، لأنك لما حذفت حرف المضارعة كان ما يليه متحركاً، فاستغنيت عن الأول، ثم جرى أكثر ما كان مبنياً من الثلاثي بزيادة مجراة في نطاق ألف الوصل أوله عند الأمر، وذلك: كانطلق، واستخرج، واقتتلوا، وما أشبهها، فإن بنيت قلت: عد، وإن جمعت قلت: عدوا، وإن أمرت مؤنثاً قلت: عدي، وفي الثنتين: عدا، وفي الجمع: عدن، والعلة في جميع ذلك كالعلة في عد.
فأما مصدره: فالوعد، والموعد، واعتل عِدة، لأن الأصل فيه: وعْدة، فلما كان الواو في الفعل اعتل وسقط، ومن حكم المصدر أن يبنى على فعلة في صحته واعتلاله، وكانت الكسرة في الواو مستثقلة، حذفت الواو كما حذفت في الفعل، ولو كان فعله اسماً لا مصدراً لكان يصح لبعد الاسم من الفعل، وقرب المصدر منه على ذلك، ولكل وجهة، وقولهم: وِلدة، فاعلمه.
واسم الفاعل واعدُ، فإن جمعت قلت: أواعد، وهو فواعل فأبدلت كما أبدلت في تصغيره إذ قلت: أُويعد، وهو فويعل لتكرار الواو، ولأن التكسير من نجر التصغير، وإنما أبدل في التصغير لاجتماع واوين متحركين، والأولى مضمومة، فكأنما اجتمع ثلاث واوات، واسم المفعول موعود، وفعل المفعول وُعد للماضي، وللمستقبل يوعد، وقد صح الواو كما رأيت، فإن شئت أبدلت منها همزة، وقد مر ذلك.
فإن كان الفاء ياء كيسر، فإنه يصح في المستقبل، تقول: يسر ييسر يسراً فهو ياسر، وينع الثمر ويعر الجدي، وذلك يصح في مصدره، والأمر منه واسم الفاعل. وفي الجمع تقول: اليسر وأيسُر وياسر ويواسر، ولن يعامل الياء معاملة الواو لخفتها وغلبة نقل الواو، وقد قلت إن الألف لا تكون إلا زائدة أو منقلبة في الفعل، وإذا كان كذلك فلا يقع موقع الفاء من الفعل فاعلمه.

(1/1)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث