الكتاب: فرحة الأديب في الرد على ابن السيرافي شرح أبيات سيبويه (يتعقب المؤلف على ابن السيرافي (المتوفى: 368 هـ) , في شرحه لبعض أبيات كتاب سيبويه (المتوفى: 180 هـ)) المؤلف: أبو محمد الحسن بن أحمد الأعرابي الملقب بالأسود الغندجاني (المتوفى: نحو 430هـ) [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع] |
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين (1/1)
قال أبو محمد الأعرابي: تأملت ما فسره أبو محمد يوسف بن الحسن بن عبد الله السيرافي من أبيات كتاب سيبويه، فوجدته فيها مثل ما قال جزء بن ضرار أخو الشماخ:
قضيت أموراً ثم غادرت بعدها ... بوائج في أكمامها لم تفتق
وذلك أنه قد فسر من أبيات ذلك الكتاب غيضاً من فيض، والقليل الذي فسره فيه خلل كثير وفساد ظاهر. فكان كما قال بشر بن حكيم أخو بني ربيعة بن مالك:
ما كثرت فينا عدي فتتقى ... ولا طاب إذ قلت عدي قليلها
فمن بيت صحف فيه، وشعر نسبه إلى غير قائله، ومعنى حرفه عن جهة الصواب، ولفظ عدل به عن مبانيه. فبنيت مواضع الخطأ من جميع ذلك، وأثبت الصواب تحت كل بيت، وخدمت به مجلس الرئيس أبي سعيد بندار بن جهشتيار، لأنه معدن الأدب، ومعني بعلم العرب، وبالله التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل.
قال ابن السيرافي قال مزاحم العقيلي
ومن ير جدوى مثل ما قد رأيتها ... تشقه وتجهده إليها التكاليف
ووجدي بها وجد المضل بعيره ... بنخلة لم تعطف عليه العواطف
قال س: هذا موضع المثل:
ظلت حفافين على مهشمه ... ذائدها العبد وساقيها الأمه
من فسر هذا الشعر الغريب، ولم يستقر أشعار العرب المجاهيل، ولم يقتلها علماً، كان كمن يعطو في الحمض.
قدم ابن السيرافي ها هنا ما وجب أن يؤخر، وأخر ما يجب أن يقدم، وبين البيتين أبيات لا يكاد ينتظم نظامها إلا بها. ونظام الأبيات:
ووجدي بها وجد المضل بعيره ... ببكة لم تعطف عليه العواطف
رأى من رفيقيه جفاء وفاته ... ببرقتها المستعجلات الخوانف
فقالا تعرفها المنازل من منى ... وما كل من أوفى منى أنا عارف
ولم أنس منها ليلة الجزع إذ مشت ... إلي وأصحابي منيخ وواقف
فمدت بناناً للصفاح كأنه ... بنات النقا مالت بهن الأحاقف
تذكرني جدوى على النأي والعدى ... طوال الليالي والحمام الهواتف
وإلفان ريعا بالفراق فمنهما ... مجدٌ ومقصور له القيد راسف
ومن ير جدوى مثل ما قد رأيتها ... تشقه وتجهده إليها التكاليف
فللباكر الغادي مع القوم سائق ... عنيف وللتالي مع القيد واقف
كصعدة مرانٍ جرى تحت ظلها ... خليج أمرته البحور الزغارف
قال س: وهي طويلة، لكن يكفيك من القلادة ما أحاط بالعنق.
باب المصادر
قال ابن السيرافي قال سيبويه في باب المصادر، قال المرار
لقد علمت أولى المغيرة أنني ... كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعا
قال ابن السيرافي: " وجدت في هذا الباب البيت منسوباً إلى المرار، ورأيته في شعر مالك بن زغبة الباهلي، وكان بنو ضبيعة قد أغارت على باهلة، فلحقتهم باهلة وهزمتهم ".
قال س: هذا موضع المثل:
وهل يشفين النفس من سقم بها ... غناءٌ إذا ما فارقت وركوب
لا يكاد يشفي المستفيد ما ذكره ابن السيرافي، سيما والقليل الذي ذكره مختل، والبيت لمالك بن زغبة الباهلي يعني مسمع بن شيبان أحد بني قيس بن ثعلبة، وكان خرج هو وابن كدراء الذهلي، يطلبان بدماء من قتلته باهلة من بكر ابن وائل، يوم قتل أبو الأعشى بن جندل، فبلغ ذلك باهلة، فلقوهم فاقتتلوا قتالاً شديداً، فانهزمت بنو قيس ومن كان معها من بني ذهل، وضرب مسمع بن شيبان فأفلت جريحاً.
والبيت أول أبيات، نظامها:
لقد علمت أولى المغيرة أنني ... لحقت فلم أنكل عن الضرب مسمعاً
ولو أن سيفي لم يخني صبيه ... لغادرت طيراً تعتفيه وأضبعا
وفر ابن كدراء السدوسي بعدما ... تناول منه في المكرة منزعا
أجئتم لكيما تستبيحوا حريمنا ... فصادفتم ضرباً وطعناً مجدعا
فأبتم خزايا صاغرين أذلةً ... شريجة أرماحٍ لأكتافكم معا
قال ابن السيرافي قال الأخوص اليربوعي
سيأتي الذي أحدثتم في أخيكم ... رفاقاً من الآفاق شتى مآبها