الكتاب: الفصول والغايات في تمجيد الله والمواعظ المؤلف: أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن سليمان، أبو العلاء المعري، التنوخي (المتوفى: 449هـ) [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع] |
فصل غاياته ألف (1/1)
سبيل السفر، والهاجمة على نقيع الجفرو يشهر خلقها بأمر للواحر ملك الدهر، خالق السنة والشهر، غبقت غيبة بقدر، ثم رجعت عن هجر، فما كدت أجد من شفر، بدل مسكن بقبر، كأنهم سقوا ماء الأباء. غاية.
تفسير: عن هجر: لآي بعر مدة. وذكر بعضهم أنه يقال: ما ألقاه إلا عن هجر: أي بعد سنة. من شفر: أي من أحد. الأباء: القصب، ويقال إن ماءه قاتل، قال الهذلي.
وأسعطك في الأنف ماء الأباء مما يثمل بالمخوض يثمل: أي يترك حتى يطول مكثه.
رجع: أحلف بسيف هبار، وفرس ضبار، يدأب في طاعة الجبار، وبركة غيث مدرار، ترك البسيطة حسنة الحبار، لقد خاب مضيع الليل والنهار، في استماع القينة وشرب العقار، أصلح قلبك بالأذكار، صلاح النخلة بالإبار، لو كشف ما تحت الأحجار، فنظرت إلى الصديق المختار، أكبرت ما نزل به كل الإكبار، نحن من الزمن في خبار، كم في نفسك من اعتبار، ألا تسمع قديمة الأخبار، أين ولد يعرب ونزار، ما بقى لهم من إصار، لا وخالق النار، ما يرد الموت بالإباء. غاية.
تفسير: الهبار: القاطع. والفرس الضبار: الذي إذا وثب وقعت يداه مجتمعتين. الحبار: الأثر والهيئة. الخبار: أرض سهلة فيها جحرة فأر ويرابيع؛ توصف بصعوبة المشي فيها. ومن كلامهم القديم: من سلك الخبار، لم يأمن العثار. والإصار: الطنب، ويقال الوتد.
رجع: ما آمل وقد فقدت أبوي، وأخذت الشبيبة من يدي، ومشيت إلى الأجل على قدمى، حتى كدت أطؤه بأخمصي، ووقع كل الأيام على، ونظرت عين المنية إلى، آن اشتعال الوضح بمفرقي، وأنا لا أفارق الغى، وأصبح أخا السلامة الحى، وأعلم أن الملحد آخر منزلى، وأن جسدى مزايل للحوباء. غابة.
سرب الموماة والإجل، ويد الماشية والرجل، وسوار الكاعب والحجل، يشهد باله أعظمته نار رآها الشماخ بالغميم، كأنها الشعرى العبور، وأخرى بالعقيق شبهت بحصار والفرود، وثالثة آنسها العبادي، وذكر أن طعامها الغار والهندي، وما نار أبى الحباحب غافلة عن ذكر الله ملث الظلام، والناران من الحزن والظمإ بالله تحبران، جرد مجرد عضباً، فأسال به دماً غضباً، وقدح من بيضاء كلائحة المضل ناراً لا يسبقها إلى العبادة المريخ، والصارم يشهد بقدرة الأول، كأنه مقدمة ما في الأطباء. غاية.
تفسير: السرب: القطيع من الطباء. وقد يستعمل في النساء والقطا وغير ذلك. والإجل: القطيع من البقر خاصة. والنار التي رآها الشماخ بالغميم هي التي قال فيها:
رأيت وقد أتى نجران دونى ... وأهلى دون منزلهم ثبير
لليلى بالغميم ضوء نارٍ ... تلوح كأنها الشعرى العبور
والنار التي بالعقيق هي التي قال فيها الشاعر، ويقال إنه المجنون
أرى نار ليلى بالعقيق كأنها ... حضار إذا ما أعرضت وفرودها
والعبادى هو عدي بن زيد بن أيوب، أحد بني امرئ القيس بن زيد مناة ابن تميم، وهو الذي يقول:
يالبينى أوقدى النارا ... إن من تهوين قد حارا
رب نار بت أرمقها ... تقضم الهندى والغارا
ملث الظلام أي اختلاط الظلام. ومنه قول ربيعة بن مقروم الضبى:
ومطيةٍ ملث الظلام بعثته ... يشكو الكلال إلى دامى الأظلل
والغضب: الشديد الحمرة من كل شئ. والبيضاء هاهنا: الدرع. والعرب تشبهها بلائحة المضل وهى آخر ما يبقى من السراب، يقال في المثل: أكذب من لائحة المضل. ومقدمة ما في الأطباء: السيء وهو أول ما يدفع به الضرع من اللبن وهو سم فيما قيل، ويتعمد الحالب إلقاءه في الأرض، وكذلك فسروا قول الشاعر
بحسبك في القوم أن يعلموا ... بأنك فيهم غنى مضر
وأنت مليخ كلحم الحوا ... ر فلا أنت حلو ولا أنت مر
كأنك ذاك الذي في الضرو ... ع قدام درتها المنتشر
المضر: الذي له ضرة من المال، وهي قطعة من الإبل عظيمة أو مال يقوم مقامها. والمليخ: الذي لا طعم له.
رجع: لله الغلب، وإليه المنقلب، لا يعجزه الطلب، بيده السالب والسلب، سل قمراً كالمحلب، وهلالا مثل المخلب، وليلا جمع من المخشلب، يخبرنك بالعجب، عن حق مرجب علم ما وراء النجب، الفاضل موجب، والفاجر منتخب، وإلى السكوت صار اللجب، ونجوم الشمال والجنوب في علم الله كمقاعد الضرباء. غاية.