الكتاب: المحاسن والمساوئ المؤلف: إبراهيم بن محمد البيهقي (المتوفى: نحو 320هـ) [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع] |
بسم الله الرحمن الرحيم (1/1)
وله الأمان من الخذلان. الحمد لله رب العالمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد النبي الأميّ الهاشميّ الأبطحيّ المكيّ المدنيّ الهادي المهديّ السّراج المضيء والقمر المنير التقيّ النقيّ وعلى أهل بيته الطيبين الأخيار السادة الأطهار المقسطين الأبرار الذين خلقوا من طينة واحدة وجبلوا على فطرته ودرجوا على حوزته ومُيّزوا بحكمته وعلى منهاجه وملته وفازوا بطاعته وسلم تسليماً كثيراً دائماً.
محاسن الكتب
قال الشيخ إبراهيم بن محمد البيهقي: قال مصعب بن الزبير: إن الناس يتحدثون بأحسن ما يحفظون ويحفظون أحسن ما يكتبون ويكتبون أحسن ما يسمعون، فإذا أخذت الأدب فخذه من أفواه الرجال فإنك لا تسمع منهم إلا مختاراً.
وقال لقمان لابنه: يا بني تنافس في طلب الأدب فإنه ميراث غير مسلوب وقرين غير مغلوب ونفيس حظ في الناس مطلوب.
وقال الزهري: الأدب ذكر لا يحبه إلا الذكور من الرجال ولا يبغضه إلا مؤنثهم.
وقيل: إذا سمعت أدباً فاكتبه ولو في حائط، قال: وقال المنصور بن المهدي للمأمون: أيحسن بمثلي طلب الأدب؟ قال: لأن تموت طالباً للأدب خير من أن تعيش قانعاً بالجهل. قال: فإلى متى يحسن بي ذلك؟ قال: ما حسنت بك الحياة.
وقال الزهري: ما سمعت كلاماً أوجز من كلام عبد الملك بن مروان لولده حيث يقول: اطلبوا معيشة لا يقدر عليها سلطان جائر. قيل ما هي؟ قال: الأدب.
وقال بزرجمهر: يا ليت شعري أي شيء أدرك من فاته الأدب أم أي شيء فات من أدرك الأدب ومادته من الكتب! وقد أهدى بعض الكتاب إلى صديق له دفتراً وكتب له: هديتي هذه، أعزك الله، تزكو عن الإنفاق وتربو على الكد، لا تفسدها العواري ولا تخلقها كثرة التقليب، وهي أُنس في الليل والنهار والسفر والحضر تصلح للدنيا والآخرة، تؤنس في الخلوة وتمتع في الوحدة، مسامر مساعد ومحدث مطواع ونديم صديق.
وقال بعضهم: الكتب بساتين العلماء.
وقال آخر: الكتاب جليس لا مؤنة له.
وقال الفضل بن سهل للمأمون وهو بدمشق بدير مران مشرف على غوطتها: يا أمير المؤمنين هل رأيت في حسنها شبيهاً في شيء من ملك العرب؟ يعني الغوطة. قال: بلى والله، كتاب فيه أدب يجلو الأفهام ويذكي القلوب ويؤنس الأنفس أحسن منها.