الكتاب: التحف والظرف
    المؤلف: محمد بن أحمد بن عبد المغيث بن محمد بن إبراهيم بن محمد التميمي الدارمي (المتوفى: 378هـ)
    [الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع]

بطاقة الكتاب   ||   إخفاء التشكيل

التحف والظرف
للشيخ الديلمي
بسم الله الرحمن الرحيم
"مقدمة المؤلف" قال محمد بن أحمد بن عبد المغيث بن محمد بن إبراهيم بن محمد التميمي الدارمي الكاتب: الحمد لله شكراً لنعمته، وتعرضاً لمزيده، وإخلاصاً لتوحيده، حمد من علم أن ما به من نعمة ربه، وأن ما مسه من عقوبة فبما كسبت يده، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم.
وصلت رقعتك أطال الله بقاك، وأتم نعمتك، تذكر تشوقك إلى النظر في شيءٍ من الشعر الموشح وغيره من السرو والشجر الذي يقرأ في كل جانب شعراً، إذ أغفله المتقدمون لنا، لكن بمقدار ما سنحته الهمة لكل فاضل منهم، وقد عملت لك في ذلك كتاباً ملخصاً وأودعته من الشعر الموشح الذي ضمنت موشحاته من الحديث المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم، والمثل السائر والحكاية والمناظرة والنادرة من السرو والشجر الذي يقرأ من كل جانب منه، شعرٌ يقوم بذاته، مع ما صنعته فيه من صورة كل صنفٍ من الوحش والطير الذي يقرأ في كل يومٍ منه شعرٌ يأتي على معنى إرادتي فيه وسميته كتاب التحف والظرف، وإنه إنشاء الله تعالى ليأتي على بلوغ أرب المبحث عنه ويجاوز التقصير، إذ الارادة منه بمقدار طاقتي عليه، وحسب الكفاية للناظر فيه والله المستعان.
فما كان في هذا مكتوباً بالحمرة معجماً بالسواد والحمرة قرئ بالنقط السود، مدرجاً في جملة السواد، وما كان بالحمرة بعد ذلك قرىء بالنقط الحمر.. المكتوب بالذهب وذلك غير خفيٍ على ناظره ولا ... الشاعر وأرجو أن يسهل على مميزه بسط العذر فيما يذم ذكره التعمد عن الزلل، إن كان فيه وبالله التوفيق:
قل لمن ظل جامع الأخبار ... طالمباً للحديث والأسمار
في كتابٍ جمعت فيه فنوناً ... من ظريف الأشعار والأخبار
ما سمعنا بمثله من زمان ... مر من قبلنا من الإعصار
فيه شعر محبر وكلام ... وصنوف الأطيار والأشجار
غير أن الأطيار ليس يغر ... دن كتغريد سائر الأطيار
يتجاوبن بالإشارة سراً ... بحديثٍ يشجي ذوي الأقدار
وكذلك الوحوش فيها صحون ... ثم أشجاره بغير ثمار
وتخال الظباء فيه رتاعاً ... في رياضٍ تحيى بلا أمطار
فكأن السماء قد نثرت فيها ... نجوماً تلوح للسمار
وخشوف على الرباء تراها ... حائماتٍ ترعى من الأشجار
وترى الزهر فيه من كل صنفٍ ... وبساتينه بلا أنهار
وعيون من المعاني ظرافٌ ... معجباتٌ لسائر النظار
صاغها الفكر واللسان فجاءت ... نزهةً للقلوب والأبصار
هو يغني عن الرياض ويلهيك عن الشدو وعند حث العقار
هو أذكى من كل طيبٍ ذكي ... هو أبهى من جملة الأزهار
هو أشهى في نفس كل أديبٍ ... من لذيذ الزلال في الأسمار
هو أنسي الوحيد في خلواتٍ ... هو نعم الرفيق في الأسفار
هو أشجى لكل صبٍ كئيبٍ ... من ولوع القيان بالأوتار
هو كالماء رقةً في نفوسٍ ... ضامياتٍ تذوب بالأفكار
من يكن قرئاً له بسط العذ ... ر على ذلتي فهذا اعتذاري
لم أقل أنني عصمت من الز ... يغ ولا أنني ملكت اختياري
وجميع الأشياء تفنى ويبقى ... آخر الدهر سائر الأشعار
والفتى ماله يزول ولا يبقى ... سوى النظم آخر الأعمار
وأنا الشاعر التميمي والبا ... رع في صنعتي بغير افتخار
وهو قدر اجتهاده وكثيرٌ ... من مقل نظم وحسن نثار
غير أني عولت أن يبسط العذر كريم يعزى إلى الأحرار
وبتوفيق ربنا نبلغ الغا ... ية سبحان ربنا الجبار
وحقيقٌ بأن يرحم قاريه علينا في سره الجهار
غفر الله ذنبه وجزاه ... بجميل الدعاء دار القرار
أضمر في نفسه عتابي ... بدرٌ تجلى من السحاب
في كل يومٍ يذل قلبي ... بالصد عن غير ما ارتياب
يا عاذلي إن اردت يوماً ... خلاص قلبي من العذاب
فالرجل المؤمن الذي لا ... يرى سلامي من الصواب
هل ينبغي لوم مستهامٍ ... إذ قطع الليل بانتحاب
لو كان من لامني شفاهاً ... يخاف من شدة العقاب
رأى ملامي عليه إثماً ... وكف عن كثرة العتاب

(1/1)

الصفحة السابقة   ||   الصفحة التالية
بداية الكتاب    ||   محرك البحث